فصل: (باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الراء والثاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏رثد‏)‏

الراء والثاء والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على نَضْدٍ وجَمع‏.‏ يقال منه رَثَدْتُ المتاعَ، إذا نَضَدْتَ بعضَه على بعض‏.‏ والمتاعُ المنضود رَثَد‏.‏ وبذلك سُمِّي الرجل مَرْثداً‏.‏ ومتاع رثِيدٌ ومرثود‏.‏ وهو قوله‏:‏‏

فتَذَكَّرَا ثَقَلاً رثِيداً بَعْدَما *** ألقتْ ذُكاءُ يمينَها في كافِرِ‏

وحكَى الكسائيُّ‏:‏ أرثَدَ الرّجُل بالأرض كذا، أي أقامَ، ويقال‏:‏ إنَّ المَرْثَدَ الكريمُ من الرِّجال‏.‏ فأمّا قولُ القائل‏:‏ إنَّ الرّثَد ضَعَفة الناس فذلك بمعنى التَّشبيه، كأنَّهم شُبِّهوا بالمتاع الذي يُنضَد بعضُه فوق بعض‏.‏ يقولون‏:‏ تركْنا على الماء رَثَداً ما يُطِيقون تَحَمُّلاً‏.‏ والرَّثَد أيضاً‏:‏ ما يتلبّد من الثَّرى‏.‏ يقال‏:‏ احتفر القومُ حتَّى أرثَدُوا، أي بلغوا ذلك‏.‏‏

‏(‏رثع‏)‏

الراء والثاء والعين أصلٌ صحيحٌ يدلُّ على جَشَعٍ وطَمَع‏.‏ كذا قال الخليل‏:‏ إنّ الرّثَع الطَّمَع والحِرْص‏.‏ قال الكسائيّ‏:‏ رجلٌ راثِع، وهو الذي يرضَى من العطيّة بالطَّفيف ويُخادِنُ أخدانَ السَّوء‏.‏ يقال رثِع رثَعاً‏.‏‏

‏(‏رثم‏)‏

الراء والثاء والميم أُصَيْلٌ يدلُّ على لَطْخ شيءٍ بشيء‏.‏ يقال‏:‏ رثَمَت المرأة أنْفَها بالطِّيب‏:‏ طَلَتْه‏.‏ قال‏:‏‏

* شَمّاءَ مارِنُها بالمِسك مَرثُومُ *‏

ومن هذا الباب‏:‏ رُثِم أنفُه، وذلك إذا ضُرِب حتَّى يسيل دمُه‏.‏ ومن الباب الرَّثَم‏:‏ بياضٌ في جَحْفلة الفَرَس العُلْيا‏.‏ وهي الرُّثْمَة‏.‏ وهو القياس؛ كأن الجحفلة قد رُثِمَت ببياض‏.‏‏

‏(‏رثن‏)‏

الراء والثاء والنون ليس بشيءٍ‏.‏ وربما قالوا‏:‏ أرضٌ مرثونةٌ‏.‏ الرَّثَان، وهو ممّا زَعَموا‏:‏ شِبْه الرَّذَاذ‏.‏‏

‏(‏رثي‏)‏

الراء والثاء والحرف المعتل أُصَيْلٌ على رِقّة وإشفاق‏.‏ يقال رثَيْتُ لفُلان‏:‏ رقَقْتُ‏.‏ ومن الباب قولُهم رَثَى الميِّت بشعرٍ‏.‏ ومن العرب من يقول‏:‏ رَثَأْت‏.‏ وليس بالأصل‏,‏ ومن الباب الرَّثْيَة‏:‏ وجعٌ في المَفاصل‏.‏‏

فأمّا المهموز فهو أيضاً أُصَيْلٌ يدلُّ على اختلاطٍ‏.‏ يقال أَرْثَأَ اللَّبَن‏:‏ خَثُر‏.‏ والاسم الرّثيئة‏.‏ قالوا في أمثالهم‏:‏ ‏"‏إِنَّ الرَّثِيئة مما يُطفِئُ الغَضَبَ‏"‏‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ يقال ارْتَثَأَ عليهم أمْرُهُم‏:‏ اختَلطَ‏.‏ ومنه الرثيئة‏.‏ ويقال‏:‏ ارتَثَأَ في رأيه، أي خَلَط‏.‏ وهم يَرْثَؤُون رَثْأً‏.‏ ويقال الرَّثِيئة أن يخلط اللبن الحامض بالحُلْو‏.‏‏

والله أعلم بالصواب‏.‏‏

‏(‏باب الراء والجيم وما يثلثهما‏)‏

‏(‏رجح‏)‏

الراء والجيم والحاء أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على رَزَانةٍ وزِيادة‏.‏ يقال‏:‏ رَجحَ الشيء، وهو راجِح، إذا رَزَن، وهو من الرُّجْحان، فأمّا الأُرْجُوحة فقد ذُكِرَتْ في مكانها‏.‏ ويقال أرجَحْتُ، إذا أَعْطَيتَ راجحاً‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏زنْ وَأرجح‏"‏‏.‏ وتقول‏:‏ ناوَأْنَا قَوْماً فرجَحْناهم، أي كُنَّا أرزَنَ منهم‏.‏ وقومٌ مَراجيحُ في الحِلْم؛ الواحد مِرجاحٌ‏.‏ ويقال‏:‏ إنّ الأراجِيح الإبلُ؛ لاهتزازها في رَتَكانِها إذا مَشَتْ‏.‏ وهو من الباب؛ لأنها تترجّح وتترجّح أحمالُها‏.‏ وذكر بعضُهم أنّ الرَّجَاحَ المرأةُ العظيمة العَجُز‏.‏ وأنشد‏:‏

* ومِن هَوَايَ الرُّجُح الأثَائثُ *

‏(‏رجز‏)‏

الراء والجيم والزاء أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ‏.‏ من ذلك الرَّجَزُ‏:‏ داءٌ يصيبُ الإبلَ في أعجازِها، فإذا ثارت النّاقةُ ارتعشَتْ فَخِذاها‏.‏

ومن هذا اشتقاق الرَّجَزِ من الشِّعر؛ لأنه مقطوع مضطرب‏.‏ والرِّجازة‏:‏ كِساءٌ يُجْعَل فيه أحجارٌ ‏[‏تعلّق‏]‏ بأحد جانِبَي الهَودج إذا مالَ؛ وهو يَضطَرِبُ‏.‏ والرِّجَازة أيضاً‏:‏ صوفٌ يعلّق على الهَودج يُزَيَّن به‏.‏ فأما الرِّجْز الذي هو العذاب، والذي هو الصَّنَم، في قوله جلّ ثناؤه‏:‏ ‏{‏والرِّجْزَ فاهْجُرْ‏}‏ ‏[‏المدثر 5‏]‏، فذاك من باب الإبدال؛ لأن أصلَه السّينُ؛ وقد ذُكِر‏.‏

‏(‏رجس‏)‏

الراء والجيم والسين أصلٌ يدلُّ* على اختلاطٍ‏.‏ يقال هُمْ في مَرْجُوسَةٍ مِن أمرِهم، أي اختِلاط‏.‏ والرَّجْس‏:‏ صوت الرَّعد، وذلك أنه يتردَّد‏.‏ وكذلك هَدِيرُ البعيرِ رَجْسٌ‏.‏ وسَحابٌ رَجّاسٌ، وبعيرٌ رَجّاس‏.‏ وحكى ابنُ الأعرابيِّ‏:‏ هذا رَاجِسٌ حَسَنٌ، أي راعِدٌ حَسن‏.‏ ومن الباب الرِّجْس‏:‏ القَذَر؛ لأنّه لَطْخٌ وخَلْط‏.‏

‏(‏رجع‏)‏

الراء والجيم والعين أصلٌ كبيرٌ مطّرد مُنْقاس، يدلُّ على رَدّ وتَكرار‏.‏ تقول‏:‏ رَجَع يرجع رُجوعاً، إذا عادَ‏.‏ ورَاجَعَ الرّجُل امرأتَه، وهي الرَّجْعَة والرِّجْعَةُ‏.‏ والرُّجْعَى‏:‏ الرجوع‏.‏ والرَّاجعة‏:‏ الناقة تُباع ويُشتَرى بثمنها مِثلُها، والثانية هي الراجعة‏.‏ وقد ارتُجِعَتْ‏.‏ وفي الحديثُ‏:‏ ‏"‏أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى في إبلِ الصَّدقةِ ناقةً كَوْماءَ، فسَأل عنها فقال المُصَدِّق‏:‏ إنِّي ارتَجعتُها بإِبلٍ‏"‏‏.‏ والاسمُ مِن ذلك الرِّجْعة‏.‏ قال‏:‏

جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفَات على الـْ *** أوْرَقِ لا رِجْعَةٌ ولا جَلَبُ

وتقول‏:‏ أعطيتُه كذا ثمَّ ارتجعتُه أيضاً صحيح بمعناه‏.‏ قال الشاعر‏:‏

نُفِضَتْ بك الأحلاسُ نَفْضَ إقامةٍ *** واستَرْجَعَتْ نُزّاعَها الأمصارُ

وامرأةٌ راجع‏:‏ ماتَ زوجُها فرجَعت إلى أهلها‏.‏ والترجيع في الصوت‏:‏ تردِيدُه‏.‏ والرَّجْع‏:‏ رَجْع الدّابةِ يدَيْها في السَّير‏.‏ والمرجوع‏:‏ ما يُرجَع إِليه من الشيء‏.‏ والمرجوع، جواب الرِّسالة‏.‏ قال حُمَيد‏:‏

ولو أنَّ رَبْعاً رَدَّ رَجْعاً لسائلٍ *** أشار إِليَّ الرَّبْعُ أو لَتَكَلما

وأرْجَعَ الرَّجلُ يده في كِنانته، ليأخُذ سهماً‏.‏ وهو قولُ الهُذَليّ‏:‏

* فَعَيَّثَ في الكِنانة يُرْجِعُ *

والرّجاع‏:‏ رُجوع الطَّير بعد قِطاعِها‏.‏ والرَّجيع‏:‏ الجِرَّة؛ لأنه يُرَدَّد مضْغُها‏.‏ قال الأعشى‏:‏

وفلاةٍ كأنّها ظَهرُ تُرْسٍ *** ليس إلا الرَّجِيعَ فيها عَلاَقُ

والرَّجِيع من الدوابّ‏:‏ ما رجَعْتَه من سفرٍ إلى سَفَر‏.‏ وأَرجَعَتِ الإبلُ، إذا كانت مَهَازِيلَ فسَمِنَتْ وحَسُنَتْ حالُها، وذلك رُجوعُها إلى حالِها الأولَى‏.‏ فأمّا الرَّجْع ‏[‏فـ‏]‏ الغيثُ، وهو المطرُ في قوله جلّ وعزّ‏:‏ ‏{‏وَالسَّماءِ ذَاتِ الرَّجْعِ‏}‏ ‏[‏الطارق 11‏]‏، وذلك أنها تَغِيث وتصُبّ ثم تَرجِع فتَغِيث‏.‏ وقال‏:‏

وجاءت سِلْتمٌ لا رَجْعَ فيها *** ولا صَدْعٌ فتَحْتلِبَ الرِّعاءُ

‏(‏رجف‏)‏

الراء والجيم والفاء أصلٌ يدلُّ على اضطرابٍ‏.‏ يقال رجَفَتِ الأرْضُ والقَلبُ‏.‏ والبَحْرُ رَجّافٌ لاضطرابه‏.‏ وأَرْجَفَ الناسُ في الشيءِ، إذا خاضوا فيه واضطَرَبُوا‏.‏

‏(‏رجل‏)‏

الراء والجيم واللام مُعظم بابِه يدلُّ على العُضو الذي هو رِجْلُ كلِّ ذي رِجْل‏.‏ ويكون بعد ذاك كلماتٌ تشِذُّ عنه‏.‏ فمعظم الباب الرِّجل‏:‏ رِجْلُ الإِنسانِ وغيره‏.‏ والرَّجْل‏:‏ الرَّجّالة‏.‏ وإنما سُمُّوا رَجْلاً لأنهم يمشون على أرجُلِهم، والرُّجَّال والرَُّجَالَى‏:‏ الرِّجَال‏.‏ والرَّجْلانُ‏:‏ الراجِل، والجماعة رَجْلى‏.‏ قال‏:‏

عَليَّ إذا لاقَيْتُ لَيْلَى بخَلْوَةٍ *** زِيارَةُ بيتِ الله رَجْلاَنَ حافيا

رَجَلْتُ الشَّاةَ‏:‏ عَلَّقْتُها برجلها‏.‏ ويقال‏:‏ كان ذاك على رِجْلِ فُلانٍ، أي في زمانِه‏.‏ والأرجَل من الدوابِّ‏:‏ الذي ابيضَّ أحَدُ رِجْليه مع سوادِ سائرِ قوائمه؛ وهو يُكْرَه‏.‏ والأرجَلُ‏:‏ العظيم الرِّجْل‏.‏ ورجلٌ رَجِيلٌ وذُو رُجْلَةٍ، أي قويٌّ على المَشْي‏.‏ ورَجِلْتُ أَرْجَل رَجَلاً‏.‏ وترَجَّلْتُ في البئر، إِذا نزَلْتَ فيها من غير أن تُدَلَّى‏.‏ وارتَجَلَ الفَرَسُ ارتجالاً، إِذا خَلَط العَنَق بالهَمْلَجةِ‏.‏ وأرْجَلْتُ الفصيلَ‏:‏ تركْتُه يمشِي مع أمِّه، يرضَع متى شاء‏.‏ ويقال راجِلٌ بَيِّن الرُّجْلَة‏.‏

وارتَجَلْتُ الرَّجلَ‏:‏ أَخذْت برِجْله‏.‏ قال الخليل‏:‏ رِجْل القَوس‏:‏ سِيَتُها العُليا ورِجْلُ الطائر‏:‏ ضربٌ من المِيسم‏.‏ ورِجْلُ الغُرابِ‏:‏ ضَربٌ من صَرِّ أخْلاف النُّوق‏.‏ وحَرَّةٌ رَجْلاء‏:‏ يصعُب المشْيُ فيها‏.‏ وهذا كلُّه يرجِع إلى الباب الذي ذكرناه‏.‏

ومما شذّ عن ذاك الرّجُل‏:‏ الواحد من الرِّجال، وربما قالوا للمرأة الرَّجُلَة‏.‏ ومما شذّ * عن الأصل أيضاً الرِّجْلة، هي التي يقال لها البَقْلة الحَمْقاء‏.‏ قالوا‏:‏ وإنما سُمِّيت الحمقاءَ لأنها لا تنبُت إِلا في مَسيلِ ماء‏.‏ وقال قومٌ‏:‏ بل الرِّجَل مَسايِلُ الماء، واحدتها رِجْلَة‏.‏

فأما قولهم‏:‏ تَرجّل النهار، إذا ارتفع، فهو من الباب الأوَّل، كأنه استعارة، أي إنه قام على رِجْله‏.‏ وكذلك رَجَّلْت الشَّعْرَ، هو من هذا، كأنه قُوِّي‏.‏ والمِرْجَلُ مشتقٌّ من هذا أيضاً؛ لأنه إِذا نُصِب فكأنه أقيم على رِجْلٍ‏.‏

ومما شذ عن هذه الأصول ما رواه الأُمَويّ، قال‏:‏ إذا ولدتِ الغَنَم بعضُها بعد بعض قالوا‏:‏ ولَّدْتُها الرُّجَيْلاَء‏.‏

‏(‏رجم‏)‏

الراء والجيم والميم أصلٌ واحدٌ يرجِع إلى وجهٍ واحد، وهي ‏[‏الرَّمْي بـ‏]‏ الحجارة، ثم يستعار ذلك‏.‏ من ذلك الرِّجام، وهي الحجارة‏.‏ يقال رُجم فلانٌ، إذا ضُرِب بالحجارة‏.‏ وقال أبو عُبيدة وغيرُه‏:‏ الرِّجام‏:‏ حجَرٌ يشَدُّ في طرف الحَبْل، ثم يدَلَّّى في البئر، فَتُخَضْخَضُ الحمأةُ حتى تَثُور ثم يُسْتَقى ذلك الماء فتُسْتَنْقَى البِئر‏.‏ والرُّجْمَة‏:‏ القبر، ويقال هي الحجارة التي تجمع على القَبر ليُسَنم‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لا تُرَجِّمُوا قَبْري‏"‏، أي لا تجعلوا عليه الحجارةَ، دَعُوه مستوِياً‏.‏ وقال بعضُهم‏:‏ الرّجام حجرٌ يشَدُّ بطَرَف عَرْقُوَةِ الدّلو، ليكون أسرَعَ لانحدارها‏.‏

والذي يستعار من هذا قولُهم‏:‏ رَجَمْتُ فلاناً بالكلام، إذا شَتَمْتَه‏.‏ وذُكِر في تفسير ما حكاه عزّ وجلّ في قصة إبراهيم عليه السلام‏:‏ ‏{‏ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّكَ‏}‏ ‏[‏مريم 46‏]‏ أي لأشتُمنَّك؛ وكأنه إذا شتَمه فقد رجَمَه بالكلام، أي ضرَبَه به، كما يُرجَم الإنسان بالحجارة‏.‏ وقال قوم‏:‏ لأرجُمَنَّك‏:‏ لأقتُلنّك‏.‏ والمعنى قريبٌ من الأول‏.‏

‏(‏رجن‏)‏

الراء والجيم والنون أصلان‏:‏ أحدهما المُقَام، والآخر الاختلاط‏.‏

فالأول قولهم‏:‏ رَجَنَ بالمكان رُجُوناً‏:‏ أقام‏.‏ والرَّاجِن‏:‏ الآلِف من الطَّير وغيره‏.‏

والثاني قولهم ارْتَجَنَ أمْرُهم‏:‏ اختلَط‏.‏ وهو من قولهم ارْتَجَنَتِ الزّبدة، إذا فسَدتْ في المَخْض‏.‏

‏(‏رجي‏)‏

الراء والجيم والحرف المعتلّ أصلان متباينان، يدلُّ أحدُهما على الأمَل، والآخَر على ناحية الشيء‏.‏

فالأول الرَّجاءُ، وهو الأمل‏.‏ يقال رجَوت الأمْرَ أرجُوه رجاءً‏.‏ ثم يُتَّسع في ذلك، فربما عُبِّر عن الخوف بالرَّجاء‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏مَالَكُمْ لاَ تَرْجُونَ ِللهِ وَقَاراً‏}‏ ‏[‏نوح 13‏]‏، أي لا تخافون لـه عَظَمَةً‏.‏ وناسٌ يقولون‏:‏ ما أرجو، أي ما أبالي‏.‏ وفسَّروا الآية على هذا، وذكروا قول القائل‏:‏

إذا لَسَعَته النحلُ لم يَرْجُ لَسْعَها *** وخالَفَها في بيت نُوبٍ عَوَامِلِ

قالوا‏:‏ معناه لم يكترِثْ‏.‏ ويقال للفرَس إذا دنا نِتاجها‏:‏ قد أرْجَتْ تُرْجِي إرجاءً‏.‏

وأمَّا الآخَر فالرَّجَا، مقصور‏:‏ النَّاحية من البئر؛ وكل ناحيةٍ رَجاً‏.‏ قال الله جلّ جلاله‏:‏ ‏{‏وَالمَلَكُ عَلى أَرْجَائِهَا‏}‏ ‏[‏الحاقة 17‏]‏‏.‏ والتثنيةُ الرَّجَوَانِ‏.‏ قال‏:‏

فلا يُرْمَى بيَ الرَّجَوَانِ إنِّي *** أقَلُّ الناس مَن يُغني غَنائِي

وأما المهموز فإِنّه يدلُّ على التأخير‏.‏ يقال أرجأْتُ الشيءَ‏:‏ أخّرته‏.‏ قال الله جلّ ثناؤُه‏:‏ ‏{‏تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ‏}‏ ‏[‏الأحزاب 51‏]‏؛ ومنه سمِّيت المُرْجئة‏.‏

قال الشيبانيّ‏:‏ أَرْجَأَتْ‏.‏

‏(‏رجب‏)‏

الراء والجيم والباء أصلٌ يدلُّ على دَعْم شيءٍ بشيءٍ وتقويتِه‏.‏ من ذلك الترجِيب، وهو أن تُدْعَم الشجرةُ إذا كثُر حملُها، لئلا تنكسِر أغصانُها‏.‏ ومن ذلك حديثُ الأنصاريّ‏:‏ ‏"‏أنا جُذَيْلُها المُحَكَّك، وعُذَيْقُها المرجَّب‏"‏ يريد أن يُعوَّل على رأيه كما تعوِّلُ النَّخلةُ على الرُّجْبة التي عُمِدَتْ بها‏.‏

ومن هذا الباب‏:‏ رجَّبْتُ الشيء، أي عظّمته‏.‏ كأنك جعلته عُمدةً تعمِده لأمرك، يقال إنّه لمُرَجَّب‏.‏ والذي حكاه الشيبانيُّ يقرُب من هذا؛ قال‏:‏ الرَّجْبُ‏:‏ الهَيْبَة‏.‏ يقال رَجَبْتُ الأمر، إذا هِبْتَه‏.‏ وأصل هذا ما ذكرناه من التعظيم، والتّعظيم يرجع* إلى ما ذكرناه من السّيد المعظّم، كأنه المعتمد والمعوَّل‏.‏ والكلام يتفرَّع بعضُه من بعضٍ كما قد شرحناه‏.‏ ومن الباب رَجَبٌ، لأنَّهم كانوا يعظِّمونه؛ وقد عظَّمَتْه الشّريعة أيضاً‏.‏ فإذا ضمُّوا إليه شعبانَ قالوا رجَبانِ‏.‏

ومن الذي شذَّ عن الباب الأرْجاب‏:‏ الأمْعاء‏.‏ ويقال‏:‏ إنّه لا واحدَ لها من لفظها‏.‏ فأما الرّواجب فمفاصل الأصابع، ويقال‏:‏ بل الراجبة ما بين البُرْجُمتين من السُّلامَى بين المَفْصِلَين‏.‏

‏(‏رجد‏)‏

الراء والجيم والدال ذكرت فيه كلمةٌ‏.‏ قالوا‏:‏ الإرجاد‏:‏ الإرعاد‏.‏

‏(‏باب الراء والحاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏رحض‏)‏

الراء والحاء والضاد أصلٌ يدلُّ على غَسْل الشيء‏.‏ يقال رحَضْتُ الثَّوبَ، إذا غسَلْتَه‏.‏ قال‏:‏

مَهَامِهُ أَشْباهٌ كأنَّ سَرابَها *** مُلاءٌ بأيدي الغاسِلات رحيضُ

ويقال للمغْتَسَل المِرحاض‏.‏ فأما عَرَقُ الحمَّى فإِنَّه يسمّى الرُّحَضاء؛ وهو ذاك القياس، كأنّها رحضَتِ الجسمَ، أي غَسَلْتَه‏.‏

‏(‏رحق‏)‏

الراء والحاء والقاف كلمةٌ واحدة‏.‏ وهي الرَّحيق‏:‏ اسمٌ من أسماء الخمر، ويقال هي أفضَلُها‏.‏

‏(‏رحل‏)‏

الراء والحاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مُضيٍّ في سفَر‏.‏ يقال‏:‏ رَحَل يَرْحَل رِحْلَة‏.‏ وجملٌ رحِيل‏:‏ ذو رُِحْلة، إذا كان قويّاً على الرِّحلة، والرِّحلة‏:‏ الارتحال‏.‏ فأمّا الرَّحْل في قولك‏:‏ هذا رَحْلُ الرّجلِ، لِمَنزِلهِ ومأواهُ، فهو من هذا، لأنّ ذلك إنّما يقال في السَّفَر لأسبابه التي إذا سافر كانت معه، يرتحل بها وإليها عند النزول‏.‏ هذا هو الأصل، ثمَّ قيل لمأوَى الرّجل في حَضَرِه هو رحْلُه‏.‏ فأمّا قولهم لِما ابيَضَّ ظَهْرُه من الدوابّ‏:‏ أرحَلُ، فهو من هذا أيضاً؛ لأنّه يُشبَّه بالدابة التي على ظهرها رِحالة‏.‏ والرِّحالة‏:‏ السَّرج‏.‏ ويقال في الاستعارة إن فلاناً يَرْحَلُ فُلاناً بما يكره‏.‏ والمُرَحَّل‏.‏ ضَربٌ من برود اليمن؛ وتكون عليه صُوَرُ الرِّحال‏.‏ ويقال أرْحَلَت الإبلُ‏:‏ سَمِنَت بعد هُزالٍ فأطاقَت الرِّحْلة‏.‏ والرِّحال‏:‏ الطّنَافس الحِيرِيّة‏.‏ قال‏:‏

* نَشَرَتْ عليه بُرودَها ورِحالَها *

والرَّاحلة‏:‏ المَرْكَب من الإبل، ذكراً كان أو أنثى‏.‏ ويقال رَاحَلَ فلانٌ فلاناً إذا عاوَنَه على رِحْلته‏.‏ ورَحَّله، إذا أظْعَنَه مِن مكانه‏.‏ وأرْحَلَه‏:‏ أعطاه راحِلة‏.‏ ورجل مُرْحِل‏:‏ كثير الرّواحِل‏.‏ ويقولون في القَذْف‏:‏ ‏"‏يا ابنَ مُلْقَى أرحُلِ الرُّكْبان‏"‏، يشيرون به إلى أمْرٍ قبيح‏.‏

‏(‏رحم‏)‏

الراء والحاء والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الرّقّة والعطف والرأفة‏.‏ يقال من ذلك رَحِمَه يَرْحَمُه، إذا رَقَّ لـه وتعطَّفَ عليه‏.‏ والرُّحُْم والمَرْحَمَة والرَّحَْمة بمعنىً‏.‏ والرَّحِم‏:‏ عَلاقة القرابة، ثم سمِّيت رَحِمُ الأنثى رَحِماً من هذا، لأنّ منها ما يكون ما يُرْحَمُ وَيُرَقّ لـه مِن ولد‏.‏ ويقال شاةٌ رَحُومٌ، إذا اشتكَتْ رحِمَها بعد النِّتاج؛ وقد رَحُمَتْ رَحَامَة، ورُحِمَت رَحْما‏.‏ وقال الأصمعيّ‏:‏ كان أبو عمرو بن العلاء يُنشد بيتَ زُهير‏:‏

ومَن ضرِيبته التّقوَى ويَعصِمُه *** مِن سيِّئ العَثَرات اللهُ والرُّحُمُ

قال‏:‏ ولم أسمَعْ هذا الحرفَ إلاّ في هذا البيت‏.‏ وكان يقرأ‏:‏ ‏{‏وَأَقْرَبَ رُحُماً‏}‏ ‏[‏الكهف 81‏]‏، وكأن أبا عمروٍ ذهب إلى أنّ الرُّحُمَ الرَّحْمة‏.‏ ويقال إنّ مكّة كانت تسمَّى أمَّ رُِحْم‏.‏

‏(‏رحي‏)‏

الراء والحاء والحرف المعتلُّ أصلٌ واحد، وهي الرَّحَى الدائرة‏.‏ ثم يتفرّع منها ما يقاربُها في المعنى‏.‏ من ذلك رَحَى الحرب، وهي حَوْمَتُها‏.‏ والرَّحى‏:‏ رَحَى السَّحاب، وهو مُسْتَدَارُهُ‏.‏ ورَحَى القوم‏:‏ سيِّدهم‏.‏ وسمي بذلك لأنَّ مَدارَهم عليه‏.‏ والرَّحَى‏:‏ سَعْدانة البعير؛ لأنّها مستديرة‏.‏ قال‏:‏

* رَحَى حَيزُومِها كرَحَى الطَّحينِ *

قال الخليل‏:‏ الرَّحَى والرَّحيانِ‏.‏ و*ثلاثُ أَرْحٍ‏.‏ والأرحاء، الكثيرة‏.‏ والأَرْحِيَة كأنه جمع الجمع‏.‏ والأرحاء‏:‏ الأضراس‏.‏ وهذا على التشبيه، أي كأنها تطحَن الطّعام‏.‏ ويقال على التشبيه أيضاً للقِطعة من الأرض الناشِزَة على ما حولَها مثل النَّجَفة رَحىً‏.‏ وناسٌ من أهل اللُّغة يقولون‏:‏ رحىً ورحَوَان قالوا‏:‏ والعرب تقول رحَتِ الحيَّة تَرْحُو، إِذا استدارت‏.‏

‏(‏رحب‏)‏

الراء والحاء والباء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلُّ على السَّعَة‏.‏ من ذلك الرُّحْب‏.‏ ومكانٌ رَحْبٌ‏.‏ وقولهم في الدعاء‏:‏ مَرْحَباً‏:‏ أَتيتَ سَعةً‏.‏ والرُّحْبَى‏:‏ أعرض الأضلاع في الصَّدر‏.‏ والرَّحِيب‏:‏ الأكُول؛ وذلك ‏[‏لسَعةِ‏]‏ جوفِه‏.‏ ويقال رَحُبَت الدّارُ، وأَرْحَبَت‏.‏ وفي كتاب الخليل‏:‏ قال نصر بنُ سيَّار‏:‏ ‏"‏أَرَحُبَكُمُ الدُّخولُ في طاعة الكِرمانيّ‏"‏، أي أَوَسِعَكُمْ‏؟‏ قال‏:‏ وهي كلمةٌ شاذّة على فَعُل مجاوِزاً‏.‏ والرَّحْبة‏:‏ الأرضُ المِحلالُ المِئْناث‏.‏ ويقال للخيل‏:‏ ‏"‏أَرْحِبِي‏"‏ أي توسَّعي‏.‏

‏(‏باب الراء والخاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏رخص‏)‏

الراء والخاء والصاد أصلٌ يدلُّ على لِينٍ وخلافِ شِدّة‏.‏ من ذلك اللّحْمُ الرَّخْص، هو الناعم‏.‏ ومن ذلك الرُّخْص‏:‏ خِلاف الغَلاء‏.‏ والرُّخْصَة في الأمر‏:‏ خَلاف التَّشْديد‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إنَّ الله جلّ ثناؤه يحبُّ أن يؤخذ برُخَصِهِ كما يحبُّ أن تُؤتَى عزائِمهُ‏"‏‏.‏

‏(‏رخف‏)‏

الراء والخاء والفاء أُصَيلٌ يدلُّ على رَخاوةٍ ولِين‏.‏ فيقال‏:‏ إن الرَّخْفَة‏:‏ الزُّبدة الرَّقيقة‏.‏ ويقال أرْخَفْتُ العَجين، إذا كثَّرْتَ ماءَه حتَّى يَستَرخِيَ‏.‏ ويقال منه رَخَف يَرْخُف‏.‏ ويقولون صار الماءُ رُخْفةً، أي طينا رقيقاً‏.‏ والرَّخْفة‏:‏ حجارةٌ خِفافٌ جُوفٌ‏.‏

‏(‏رخل‏)‏

الراء والخاء واللام كلمةٌ واحدة، وهي الرّخل‏:‏ الأنثى من أولاد الضَّأنِ، والذّكرُ حَمَلٌ، ويجمع الرخل رخالا‏.‏

‏(‏رخم‏)‏

الراء والخاء والميم أصلٌ يدلُّ على رقّةٍ وإشْفاق‏.‏ يقال ألقى فلانٌ على فلانٍ رَخْمَتَه، وذلك إذا أظهَرَ إِشفاقاً عليه ورقَّة له‏.‏ ومن ذلك الكلام الرَّخيم، هو الرقيق‏.‏ قال امرؤ القيس‏:‏

رَخِيمُ الكلامِ قَطِيع القِيا *** مِ تفتَرُّ عن ذي غُروبٍ خَصِر

والرَّخَمة‏:‏ الطائر الذي يقال لـه الأنوق، يقال سمِّي بذلك لرَخْمتِه على بَيضَتِه، يقال إنّه لم يُرَ له بيضٌ قطّ‏.‏ وهو الذي أراده الكميت بقوله‏:‏

وذات اسمَيْنِ والألوانُ شَتَّى *** تُحمَّقُ وهي بَيِّنة الحَويلِ

ومن هذا الباب قول أهل العربية‏:‏ ‏"‏الترخيم‏"‏، وذلك إسقاط شيءٍ من آخر الاسم في النِّداء، كقولهم‏:‏ يا مالك، يا مالِ؛ ويا حارث، ويا حارِ‏.‏ كأنّ الاسمَ لما ألقي منه ذلك رَقّ‏.‏ قال زُهير‏:‏

يا حارِ لا أُرْمَيَنْ منكم بداهيةٍ *** لم يَلْقَهَا سُوقَةٌ قبلي ولا مَلِكُ

ومما شذّ عن هذا الأصل قولُهم‏:‏ شاةٌ رَخْماء، وهي التي ابيضَّ رأسها‏.‏

‏(‏رخو‏)‏

الراء والخاء والحرف المعتلّ أصلٌ يدلُّ على لِينٍ وسخافةِ عقل‏.‏ من ذلك شيءٌ رِخْوٌ بكسر الراء‏.‏ قال الخليل‏:‏ رَُخْوٌ أيضاً، لغتانِ‏.‏

يقال منه رَخِيَ يَرْخَى، ورَخُوَ، إذا صار رَُِخْواً‏.‏ ويقال‏:‏ أرخَتِ الناقة، إذا استَرخَى صَلاَها‏.‏ وفرسٌ رِخْو، إذا كانت سهلة مسترسلة، في قول أبي ذؤيب‏:‏

* فهي رِخْوٌ تمزَعُ *

ويقال استرخى به الأمرُ واسترخت به حالُه، إذا وقع في حالٍ حسنةٍ غير شديدة‏.‏ وتراخَى عن الأمر، إذا قعد عنه وأبطأ‏.‏ ومن الباب الرُّخاء، وهي الريح الليِّنة‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ‏}‏ ‏[‏ص 36‏]‏‏.‏ والإرخاء مِن رَكْضِ الخيل* ليس بالحُضْر المُلْهَب‏.‏ يقال فرسٌ مِرْخاءٌ من خَيل مَرَاخٍ، وهو عَدْوٌ فوق التَّقْرِيب‏.‏ قال أبو عبيدٍ‏:‏ الإِرخاء أن يخلّى الفرسُ وشَهوتَه في العَدْوِ، غير متعبٍ لـه‏.‏ وهذه أُرْخِيّة، لِما أرْخَيْتَ مِن شيءٍ‏.‏

‏(‏رخد‏)‏

الراء والخاء والدال كلمة واحدة ليس لها قياس‏.‏ ويقال‏:‏ الرِّخْوَدّ‏:‏ الليِّن العِظام‏.‏

‏(‏باب الراء والدال وما يثلثهما‏)‏

‏(‏ردس‏)‏

الراء والدال والسين أُصَيلٌ يدلُّ على ضربِ شيءٍ بشيء‏.‏ يقال ردَسْتُ الأرض بالصّخرةِ وغيرها، إذا ضربْتَها بها‏.‏ والمِرْدَاس‏:‏ صَخْرة عظيمة، مِفْعال من رَدَسْت‏.‏ قال الأصمعيُّ‏:‏ ما أدرِي أين رَدَس‏؟‏ أي ذَهب‏.‏ والقياسُ واحدٌ، لأنَّ الذاهبَ يقال له‏:‏ ذَهَب في الأرض، وضَرَب في الأرض‏.‏

‏(‏ردك‏)‏

الراء والدال والكاف ليس أصلاً، لكنهم يقولون‏:‏ خَلْقٌ مُرَوْدَكٌ؛ أي سمين‏.‏ قال‏:‏

* قامت تُرِيك خَلْقَهَا المُرَوْدَكا *

‏(‏ردع‏)‏

الراء والدال والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على مَنْع وصَرْع‏.‏ يقال ردَعْتُه عن هذا الأمرِ فارتدَع‏.‏ ويقال للصَّريع‏:‏ الرَّدِيع‏.‏ حكاه ابنُ الأعرابيّ‏.‏

والمرتدع من السِّهام‏:‏ الذي ‏[‏إذا‏]‏ أصاب الهدف انفضَخَ عُودُه‏.‏ والمُرْتدع‏:‏ المتَلَطِّخ بالشيء‏.‏ قال ابنُ مقبِل‏:‏

* يَجْرِي بديباجَتَيْه الرَّشْحُ مُرتَدِعُ *

فالمرتدِع المتلطِّخ؛ ويقال إنّه من الرَّدْع، والرَّدْع‏:‏ الدم‏.‏ قال بعضُ أهل اللُّغة‏.‏ ومنه يقال للقتيل‏:‏ ‏"‏رَكِبَ رَدْعَه‏"‏‏.‏ والأصل في هذا كلِّه ما ذكرناه أن الرَّدْع الصَّرْع، وإذا صُرِع ارتَدَع بدمِه إن كان هناك دَم‏.‏ قال ابن الأعرابيّ‏:‏ ركِبَ رَدْعَه، إذا خَرَّ لِوَجهِهِ‏.‏ ومن الباب الرُّدَاع وهو وجع الجسم أجْمَع، وهذا صحيحٌ لأن السقيم صريع‏.‏ قال‏:‏

فواحَزَنِي وعاوَدَني ردَاعِي *** وكان فِراقُ لُبْنَى كالخِدَاع

‏(‏ردغ‏)‏

الراء والدال والغين أُصَيلٌ يدلُّ على استرخاء واضطراب‏.‏ من ذلك الرَّدَْغُ‏:‏ الماء والطين‏.‏ ومنه الرَّديغ، وهو الأحمق، والأحمق مضطرِب الرأي‏.‏

ومما شذّ عن ذلك المَرَادِغ‏:‏ ما بَين الْعنق والتَّرقُوة‏.‏

‏(‏ردف‏)‏

الراء والدال والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرد، يدلُّ على اتبِّاع الشيء‏.‏ فالتَّرادف‏:‏ التتابع‏.‏ والرَّدِيف‏:‏ الذي يُرادِفُك‏.‏ وسُمِّيت العجيزَةُ رِدْفاً من ذلك‏.‏ ويقال‏:‏ نَزَلَ بهم أمرٌ فرَدِفَ لهم أعظَمُ منه، أي تبِع الأوَّلَ ما كان أعظَمَ منه‏.‏ والرِّدَاف‏:‏ مَوضع مَرْكَب الرِّدف‏.‏ وهذا بِرذَونٌ لا يُرادِفُ، أي لا يَحمِل رَدِيفا‏.‏ وأردافُ النُّجوم‏:‏ تَوَالِيها‏.‏ ويقال أتينا فلاناً فارتدفْناهُ ارْتِدافاً، أي أخذناه أَخْذاً‏.‏ والرَّدِيف‏:‏ النجم الذي يَنُوء مِن المشرق إذا انغمَسَ رقِيبُه في المغرب‏:‏ وأرداف الملوك في الجاهلية‏:‏ الذين كانوا يَخْلُفُون الملوك‏.‏ والرِّدْفانِ‏:‏ الليل والنهار‏.‏ وفي شعر لبيدٍ ‏"‏الرِّدْف‏"‏، وهو مَلاّح السَّفينة‏.‏ وهذا أمرٌ ليس له رِدْف، أي ليست له تَبِعة‏.‏ قال الأصمعيّ‏:‏ تعاونوا عليه وترادَفُوا وتَرَافَدوا، بمعنىً‏.‏ ويقال رَادَف الجرادُ؛ والمُرادفة‏:‏ ركوب الذكرِ الأُنثى‏.‏ قال أبو حاتم‏:‏ الرّديف‏:‏ الذي يجيء بقِدْحه بعد أن فاز مِن الأيسار واحد أو اثنانِ، ويسألُهم أن يدخلوا قِدْحَه في قِدَاحِهم‏.‏ قال الأصمعيّ‏:‏ الرُّدَافَى، هم الحُداة، لأنَّهم إِذا أعيا أحدُهم خَلَفَه الآخر‏.‏ قال الرَّاعي‏:‏

وَخُودٌ مِن اللائي يُسَمَّعْنَ بالضُّحى *** قريضَ الرُّدَافَى بالغِناءِ المُهَوِّدِ

والرَّوَافد‏:‏ رواكِيب النَّخل‏.‏

‏(‏ردم‏)‏

الراء والدال والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على سَدّ ثُلْمة‏.‏ يقال رَدَمْت البابَ والثُّلْمة‏.‏ والرَّدْم‏:‏ مصدرٌ، والرَّدْم اسم‏.‏ والثوب المُرَدَّم هو الخَلَق المُرَقَّع‏.‏ فأما قوله‏:‏

*هل غادَرَ الشُّعراءُ مِن مُتَرَدَّمِ *** أم هل عَرَفْتَ الدارَ بعد توهُّمِ

على رواية من رواه كذا، فإِنّه فيما يقال الكلام يُلْصَق بعضُه ببعض‏.‏

ومن الباب‏:‏ أردَمَتْ عليه الحُمَّى‏:‏ دامت وأَطبَقَتْ، يقال وِرْدٌ مُرْدِمٌ، وسَحاب مُرْدِم‏.‏

‏(‏ردن‏)‏

الراء والدال والنون هذا بابٌ متفاوتُ الكَلِم لا تكاد تلتقي منه كلمتانِ في قياسٍ واحد، فكتبناه على ما به، ولم نَعْرِضْ لاشتقاق أصلِه ولا قياسِه‏.‏ فالرُّدْن‏:‏ مقدَّم الكُمّ‏.‏ يقال أرْدَنْتُ القَميصَ جعلْتُ له رُدْناً‏.‏، والجمع أَرْدَان‏.‏ قال‏:‏

وعَمْرةُ مِن سَرَوَاتِ النِّسا *** ءِ ينفَحُ بالمسك أردانُها

ويقولون إن الرَّدَن الخزُّ، في قول الأعشى‏:‏

فأفنيتُها وتعَلَّلْتُها *** على صَحصَحٍ ككِساءِ الرَّدَن

والرُّمْح الرُّدينيّ، منسوبٌ إلى امرأة كانت تسمَّى رُدَيْنَةَ‏.‏ ويقال للبعير إذا خالطَتْ حمرتَه صُفرةٌ‏:‏ هو أحمرُ رادِنيٌّ، والناقة رادِنِيَّة‏.‏ ويقولون إنَّ المِرْدَن المِغزل الذي يُغزَل به الرَّدَن، وليس هذا ببعيدٍ، ويقال إن الرَّادِن الزَّعفران‏.‏ وينشد‏:‏

* وأخذَتْ من رادِنٍ وكُرْكُمِ *

وحُكي عن الفرّاء‏:‏ رَدِن جِلدُه رَدَنا، أي تقبَّض‏.‏ والأردُنّ‏:‏ النُّعاس الشديد‏.‏ قال‏:‏

* قَدْ أَخَذَتْني نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ *

ولم يسمع من أُرْدُنّ فِعْل‏.‏ قال قطرب‏:‏ الرَّدَن‏:‏ الغِرس الذي يخرج مع الولد من بطن أمِّه، وتقول العرب‏:‏ هذا مِدْرَع الرَّدَن‏.‏ قال‏:‏ الرَّدْن‏:‏ النَّضْد‏.‏ تقول‏:‏ رَدَنْتُ المتاع‏.‏ قال‏:‏ والرَّدْن‏:‏ صوتُ وَقْعِ السلاحِ بعضِه على بعض‏.‏

‏(‏رده‏)‏

الراء والدال والهاء أُصَيلٌ يدل على هَزْمٍ في صَخرةٍ أو غيرها‏.‏ قالوا‏:‏ الرَّدْهَة‏:‏ قَلْتٌ في الصَّفا يجتمع فيه ماء السماء؛ والجمع رِدَاه‏.‏ فأما الذي حُكِي عن الخليل فمخالفٌ لما ذكَرْناه؛ قال‏:‏ الرَّدَه‏:‏ شِبهُ آكامٍ خشنةٍ كثيرة الحجارة، الواحدة رَدْهَةٌ‏.‏ قال وهي تِلال القِفاف‏.‏ قال رُؤبة‏:‏

* مِن بَعْد أَنْضاد التلال الرُّدَّهِ *

‏(‏ردي‏)‏

الراء والدال والياء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على رَمْيٍ أو تَرَامٍ وما أشبه ذلك‏.‏ يقال ردَيْتُه بالحجارة أَردِيه‏:‏ رميتُه‏.‏ والحجر مِرْداةٌ‏.‏ والرَّدْي ثلاثة مواضع ترجع إلى قياس ‏[‏ما‏]‏ قد ذكرناه‏.‏ فالأول رَدَى الحجرَ‏.‏ والثاني رَدَى الفرسُ‏:‏ أسرع‏.‏ وَرَدَتِ الجارية، إذا رفعَتْ إحدى رجلَيها وقفزت بواحدة، وهو الثالث‏.‏ وكلُّ ذلك يرجِع إلى الترامِي‏.‏ والرَّدَيَان‏:‏ عدْوُ الحمار بين آرِيِّه ومُتمعَّكِه‏.‏ ومن الباب الرَّدَى، وهو الهَلاك؛ يقال رَدِيَ يَرْدَى، إذا هلَك‏.‏ وأرْدَاه الله‏:‏ أهلَكَه‏.‏ والتَّردِّي‏:‏ التَّهَوُّر في المَهْوَى‏.‏ يقال رَدِيَ في البئر كما يقال تَرَدَّى‏.‏ قالها أبو زيد‏.‏ ويقال‏:‏ ما أدري أين رَدَى، أي أين ذَهَب‏.‏ وهو من الباب، معناه ما أدرِي أين رَمَى بنفسِه‏.‏ ومن الباب الرَّدَاةُ‏:‏ الصخرة، وجمعها الرَّدَى‏.‏ قال‏:‏

* فَحْل مَخَاضٍ كالرِّدَى المنقَضِّ *

وإذا قالوا للناقة مِرْداةٌ، فإنما شبّهوها بالصَّخرة‏.‏ ويقال رادَيتُ عن القوم، إذا رَامَيْتَ عنهم‏.‏ فأما قول طُفَيل‏:‏

يُرَادَى على فَأْسِ اللِّجام كأنما *** يُرادَى على مِرْقَاةِ جِذْعٍ مشذَّبِ

فليس هذا من الباب؛ لأنَّ هذا مقلوبٌ‏.‏ ومعناه يُراوَد‏.‏ وقد ذكر في موضعه‏.‏ ومما شذّ عن الباب الرِّداء الذي يُلبَس، ما أدري مِمّ اشتقاقُه، وفي أيِّ شيءٍ قياسُه‏.‏ يقال فلانٌ حسَنُ الرِّدْية، من لُبْس الرداء‏.‏ ومما شذّ أيضاً قولُهم‏:‏ أردَى على الخمسين، إذا زاد عليها‏.‏

فأما المهموز فكلمتانِ متباينتان جِدّاً‏.‏ يقال أَردأْتُ‏:‏ أَفسدْتُ‏.‏ ورَدُؤَ الشيءُ فهو ردِيءٌ‏.‏ والكلمة الأخرى أردأت، إذا أَعَنْتَ‏.‏ وفلان رِدْءُ فلانٍ، أي مُعِينه‏.‏ قال الله جلّ جلالُه* في قصة موسى‏:‏ ‏{‏فَأَرْسِلْهُ معِيَ رِدْءاً يُصَدِّقُني‏}‏ ‏[‏القصص 34‏]‏‏.‏

‏(‏ردج‏)‏

الراء والدال والجيم ليس بشيء‏.‏ على أنَّهم يقولون إنّ الرَّدَج ما يُلقيه ‏[‏المُهْر‏]‏ من بطنه ساعةَ يُولَد‏.‏ وينشدون‏:‏

لها رَدَجٌ في بيتها تستعدُّه *** إذا جاءها يوماً من الدّهر خاطبُ

‏(‏ردح‏)‏

الراء والدال والحاء أصَّل فيه ابنُ دُريدٍ أصلاً‏.‏ قال‏:‏ أصله تراكُمُ الشيءِ بعضِه على بعض‏.‏ ثم قال‏:‏ كتيبة رَدَاحٌ‏:‏ كثيرة الفُرسان‏.‏ وقال أيضاً‏:‏ يقال أصل الرَّدَاحِ الشجرة العظيمة الواسعة‏.‏ ومن الباب فلانٌ رَدَاحٌ أي مخصِب‏.‏ ومن الباب الرَّدَاحُ‏:‏ المرأة الثَّقيلة الأوراك‏.‏ ومنه ردَحْتُ البيت وأَرْدَحْتُه، من الرُّدْحة، وهو قطعةٌ تُدخَل فيه، أو زيادةٌ تزاد في عَُمَُده‏.‏ وأنشد الأصمعي‏:‏

* بَيْتَ حُتُوفٍ أُرْدِحَتْ حَمَائِرُه*

قال ابن دريد‏:‏ رَدَحْت البيتَ، إذا ألقيتَ عليه الطِّين‏.‏

‏(‏ردخ‏)‏

الراء والدال والخاء ليس بشيء‏.‏ على أنَّهم حكَوْا عن الخليل أن الرَّدْخ‏:‏ الشَّدْخ‏.‏

‏(‏ردب‏)‏ الراء والدال والباء ليس بشيءٍ‏.‏ ويقولون للقِرْمِيدة الإِردَبة‏.‏ والإردَبُّ‏:‏ مكيالٌ لأهل مِصرَ ضخمٌ‏.‏

 

‏(‏باب الراء والذال وما يثلثهما‏)‏

‏(‏رذم‏)‏

الراء والذال والميم أُصَيلٌ يدلُّ على سَيَلانِ شيءٍ‏.‏ يقال حَفْنَة رَذُمٌ، إذا سالَتْ دَسَماً‏.‏ وعَظْمٌ رَذُوم، كأنّه من سِمَنه يسيل دَسَماً‏.‏ قال‏:‏‏

* وفي كفِّها كِسْرٌ أَبحّ رَذُومُ *‏

‏(‏رذا‏)‏

الراء والذال والحرف المعتل يدلُّ على ضعفٍ وهزال‏.‏ فالرّذِية‏:‏ الناقة المهزولة من السَّير، والجمع رَذَايا‏.‏ قال أبو دُواد‏:‏‏

رَذَايا كالبَلاَيا أو *** كعِيدانٍ من القَضْبِ‏

يقال منه‏:‏ أرذَيْتُها‏.‏‏

‏(‏رذل‏)‏

الراء والذال واللام قريبٌ من الذي قبله‏.‏ فالرَّذْل‏:‏ الدُّون مِن كلِّ شيء، وكذلك الرُّذَال‏.‏‏

انقضى الثُّلاثي من الراء‏.‏‏

 

‏(‏باب الراء وما بعدها مما هو أكثر من ثلاثة أحرف‏)‏

وهذا شيء يقِلُّ في كتاب الراء، والذي جاء منه فمنحوتٌ أو مزيدٌ فيه‏.‏ من ذلك ‏(‏رَعْبَلْتُ‏)‏ اللّحمَ رعْبَلةً؛ إذا قطَّعتَه، قال‏:‏

* ترى الملوكَ حولَه مُرَعْبَلَهْ *

فهذا ممَّا زِيدت فيه الباء، وأصله من رَعَل، وقد مضى‏.‏ يقال لما يُقْطَع من أُذُن الشَّاة ويترك معلَّقاً ينوسُ كأنه زَنمَةٌ ‏[‏رَعْلَة‏]‏‏.‏ فالرَّعْبَلَة من هذا‏.‏

ومن ذلك ‏(‏الرَّهْبَلة‏)‏‏:‏ مَشْيٌ بِثِقَلٍ‏.‏ وهذا منحوتٌ من رَهَل ورَبَل، وهو التجمُّع والاسترخاء، فكأنها مِشْيَةٌ بتثاقُل‏.‏

ومن ذلك ‏(‏المرجَحِنُّ‏)‏، وهو المائل، فالنون فيه زائدة، لأنّه من رَجَح‏.‏ وليس أكثَر من هذا في الباب‏.‏ والله أعلم بالصواب‏.‏

تم الجزء الثاني من مقاييس اللغة بتقسيم محققه ويليه الجزء الثالث وأوله ‏"‏كتاب الزاء‏"‏‏.‏